مسائل في الصيام(2)
من كتاب
الدروس الرمضانية
للأمة المحمدية
فضائل وأحكام
-------------------------------------------------------------
حكم من أصبح جنباً وهو صائم :
يصح صيامه فيمسك ولاشيء عليه ، روت السيدة عائشة رضي الله عنها ( كان النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من غير حُلْم فيغتسل ويصوم ) أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما . وزاد مسلم من حديث أم سلمة ( ولايقضي ).
حكم تقبيل الصائم للزوجة:
تكره للشاب ولا تكره لمن يملك إربه ، وهي محرمة في حق من تحرّك شهوته عند أبي حنيفة والشافعي(1) لما روى ابن عباس ( أنه أتاه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم رجل فسأله عن المباشرة للصائم فرخّص له ، وأتاه آخر فسأله فنهاه ، فإذا الذي رخص له شيخ والذي نهاه شاب ) رواه أبوداود
حكم المضمضة والإستنشاق للصائم :
يستحب للصائم وغيره المضمضمة والإستنشاق في الوضؤ والغسل ويكره المبالغة فيها للصائم فإن وصل شيء منها الى الجوف فقد أفطر فيجب عليه الإمساك مع القضاء ومثله من زاد على الثلاث وسبق شيء الى الجوف. وأما من لم يبالغ ولم يزد على الثلاث وسبقه الماء لايضره فقد قال عليه الصلاة والسلام للقيط بن صبرة ( وبالغ في الإستنشاق إلا أن تكون صائماً ) أخرجه أحمد وأبوداود والترمذي وصححه .
(1) وقال الإمام مالك هي محرمة بكل حال ، وعن أحمد روايتان ، وقال الإمام النووي في شرح مسلم ( ينبغي لكم الإحتراز عن القبلة ولاتتوهموا من أنفسكم أنكم مثل النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في إستباحتها . لأنه يملك نفسه ويأمن الوقوع في قبلة يتولّد منها إنزال أوشهوة أوهيجان نفس ونحوه وأنتم لا تأمنون ذلك فطريقكم الإنكفاف عنها ).
حكم من أفطر يوماً من رمضان بغير عذر :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال ( من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض ِ عنه صوم الدهر كله وإن صامه ) رواه أصحاب السنن واالفظ للترمذي .
فيلزمه التوبة من الإثم والإمساك ثم القضاء المعجل (1) ، فإن أخر بغير عذر أثم .
حكم من أخر قضاء رمضان الى الآخر :
من أمكنه القضاء ولم يقضي حتى دخل رمضان الآخر أثم و لزمه القضاء والكفارة لكل يوم مد(2) ، والأصح أنه يتكرر بتكرر السنين.
حكم المريض والكبير اللذان يشق عليهما الصيام :
والمرض قسمان :
الأول : الذي يرجى زواله ويشق معه الصوم فلاحرج عليه أن يفطر وعليه القضاء إذا بريء لقوله تعالى << فمن كان منكم مريضاً أو على سفرٍ فعدة من أيام اُخر >> .
الثاني : مرض لايرجى زواله ويشق معه الصوم فله أن يفطر . وعليه عن كل يوم أفطره فدية لحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (( من أدركه الكبر فلم يستطع صيام رمضان فعليه لكل يوم مد من قمح )) رواه البخاري . وهي مد من غالب قوت البلد يعطى للفقير أو المسكين(3) . والمرض الذي يشق هو ما أباح التيمم بأن يخاف على نفسه الهلاك أوفقد منفعة عضؤ أو تأخر برئه أو زيادة مرض أو حدوث شين فاحش في عضؤ ظاهر .
فإن تحملاّ المشقة وصاما فصيامهما صحيح ولاشيء عليهما .
(1) وذهب الإمام أبوحنيفة ومالك بوجوب الكفارة كالجماع .
(2) وقال به مالك وأحمد ولايرون تكرر المد، وقال أبوحنيفة يجوز له التأخير ولا كفّارة ، وروى الدارقطني عن ابي هريرة وابن عباس أنهما قالا ( من مرض ثم صحّ ولم يصم حتى أدركه رمضان آخر . قالوا : يصوم الشهر الذي أفطر فيه ويطعم مكان كل يوم مسكيناً) .
(3) والفدية عند الإمام أبوحنيفة هي عن كل يوم نصف صاع من بُر أو صاع من شعير ، وقال الإمام مالك لاصوم ولافدية ، وعند الإمام أحمد يطعم نصف صاع من تمر أوشعير أو مد من بُر .
حكم الإفطارللحامل والمرضع :
ويلحق بهما ماكان في حق المريض من المشقة والخوف على نفسيهما أوعلى ولديهما فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال (( إنّ الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ، وعن الحامل أو المرضع الصوم ، أو قال الصيام )) رواه أبوداود والترمذي . فإن أفطرتا خوفاً على نفسهما ولومع ولديهما لزم القضاء بلا فدية ، أوعلى ولديهما لزمتهما الفدية مع القضاء(1) .
حكم فطرالمسافر :
والمسافر هو من خرج قاصداً مسافة القصر لطاعة أو أمر مباح ، فإن فارق بلده قبل طلوع الفجر جاز له الفطر وإن لم تكن مشقة بخلاف من أنشاء سفره بعد الفجرليس له الفطر تغليباً لجانب الحضر وعملا ً بالأصل وهو الصيام(2) . والأفضل الصيام للمسافر إن لم يشق عليه ، فإن شق عليه مشقة لاتحتمل غالباً فالفطر أولى ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ( كنّا نغزوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في رمضان ، فمنّا الصائم ومنّا المفطر ، فلايجد الصائم على المفطر ولا يجد المفطر على الصائم ، يرون أنّ من وجد قوة فصام ، فإن ذلك حسن ويرون أن من وجد ضعفاً فأفطر فإن ذلك حسن ) رواه مسلم .
(1) هذا عند الشافعية والحنابلة ، ولايرى المالكية على الحامل الكفارة ولا الإطعام سواء خافت على نفسها أوولدها ، هذا على المشهور ، أما المرضع فإنها تقضي وتطعم إذا خافت على ولدها أما إذا خافت على نفسها فعليها القضاء فقط دون الإطعام ، وأما الحنفية لا يرون إلاّ وجوب القضاء فقط .
(2) من أصبح صائماً في رمضان ثم سافر لم يجز له الفطر عند الثلاثة ، وقال الإمام أحمد يجوز واختاره المزني من الشافعية .
------------------------------------------------
جمع
الشيخ محمد بن عبدالله بن علي الحضرمي
مع تحياتي
منقول